هذا الحوار أجريته منذ عدة سنوات لصالح صحيفة الخبر الجزائرية، و أعيد نشره
الآن و كان التاريخ يُعيد نفسه من جديد مع أبو بكر البغدادي.
علينا
أن نتقبل الآخر، هذا ما يريد قوله الخبير و المتخصص في الجماعات الإسلامية,
الدكتور أنطوان بصبوص في حواره مع"الخبر" و يطرح وجهة نظره الخاصة حول
أمريكا و العراق و الزرقاوي و الفكر الوهابي، و مهما كانت رؤيتنا لأفكاره التي
لاقت رواجا كبيرا في الغرب، علينا أن نستمع إليها، فهي الطريق للوصول إلى الآخر.
حوار: آدم ميرا
-الخبر:هناك حديث عن القاعدة في العراق، برأيكم
متى بدأت القاعدة تنشط فيه؟
- د· أنطوان بصبوص :
الوجود الأول لتنظيم القاعدة ربما يعود لسنة 1999، حيث تبين أخيرا عقد مؤتمر حضره
الظواهري، وبقي هذا طي الكتمان. لدي شهادة من إسلاميين سعوديين يقولون أن الزرقاوي
وصل إلى العراق عام 2001عندما تبين لصدام أن المعركة مع أمريكا آتية، و أنه بحاجة
إلى رص الصفوف و التقرب من بن لادن و الإسلاميين. هذه الشهادة اعتمد عليها لأن
الشخص الذي أعطاني إياها أعرفه منذ 12 عاماً وهو غير مغرض. يبدو أن ملك
الأردن طلب من صدام حسين تسليمه الزرقاوي
و لم يفعل· بمعنى أن الزرقاوي كان موجوداً في العراق تحت ظل صدام حسين، وصدام
يستطيع القول بأنه كان موجوداً في إقليم كردستان على الحدود الإيرانية، وأن الجيش
و الأمن العراقيين لم يكونا يستطيعان الوصول إلى هذه المنطقة لأنها كانت خارجة عن
سيطرته. القاعدة في العراق جذورها تمتد على الأقل إلى سنة 2001· كما نذكر عشية
الحرب في مارس 2003، كان هناك معسكر لـ «أنصار الإسلام» على الحدود الإيرانية،
وربما كان هناك المعسكر الأول للقاعدة في العراق ما قبل الاجتياح الأمريكي· لكن
الأمور تطورت فيما بعد وأصبح سقوط بغداد
انطلاقة لنظرية أرض الإسلام و أرض الكفار، ووجود جيش محتل، وعلى أساس ذلك تم
استجلاب المتطوعين الجهاديين التكفيريين لقتال الأمريكيين·
لكن هنا اختلطت الأمور، فإذا
بهم يتحولون من مقاتلة الأمريكيين إلى مقاتلة الشيعة، وكل من شايع الأمريكيين حتى
ولو كانوا سنة، ولكن المعركة الأساسية اليوم، أصبحت معركة ضد الشيعة لأن
الأمريكيين انسحبوا جزئيا من التعاطي والاختلاط مع الشعب وتركوا المجال للأمن
العراقي الذي دربوه، وبما أن السنة قاطعوا إلى حد بعيد مؤسسات الدولة الجديدة،
فإذا بالأمن يكون بأكثرية شيعية· فبنظر الزرقاوي والوهابيين وبن لادن، كل ما يتعلق
بالدولة العراقية هو «ذنب لأمريكا»· وفي الفكر الوهابي والبن لادني يتم اعتبار
الشيعة كـ»هراطقة»·
ويجب إما قتلهم، وإما اعتناقهم الدين السليم وهو المذهب السني، وكما نعرف جميعاً
فقد غزا الوهابيون مدينة كربلاء سنة 1802 وخلال 8 ساعات نهبوها وسرقوا كل الهدايا
والتماثيل والمرصعات التي كانت على قبر الإمام الحسين، وعادوا بهم، وقتلوا أكثر من
ثلاثة آلاف شخص· بمعنى كره الوهابية للشيعة ليس حديثا، ففكر الزرقاوي وبن لادن
وفكر القاعدة والوهابية يعتبر الشيعة أكثر فسقاً وعداءً من اليهود والنصارى· اليوم
المعركة واسعة وما نشهده في العراق رهيب، بمعنى أن الهجوم على مساجد الشيعة أكثر
بكثير من الهجوم على القواعد الأمريكية، والخسائر التي يمنى بها الحرس الوطني
والجيش العراقيين أكبر بكثير من الخسائر التي يٍمنى بها الأمريكيون· والمعركة
الأساسية اليوم تجري في مثلث الموت جنوب بغداد، هناك توجد نقطة الاتصال بين الجنوب
الشيعي وبغداد بقسمها الشيعي، المعركة القائمة هي معركة تطهير طائفي يجريه أنصار
الزرقاوي لطرد الشيعة من هذا المثلث ولقطع الطريق بين الجنوب الشيعي والأحياء
الشيعية في بغداد· يريدون حصار بغداد و تطهيرها من الشيعة مستقبلا والبداية كانت
في طرد الشيعة من المثلث المذكور لعزل المدن الشيعية (كربلاء، النجف, الحلة
والبصرة وغيرها) عن بغداد حيث يقيم الشيعة في أحياء فقيرة جدا·
-الخبر: تحدثت أن يريد أن يعزل بغداد عن الجنوب... لماذا؟
- د· أنطوان بصبوص: يعتبر الزرقاوي ان بغداد عاصمة الخلافة العباسية
والشيعة فيها طارؤون، ويجب على هذه المدينة أن تبقى "طاهرة" وأن يخرجهم
من الأحياء القصديرية. وهو لا يريد الالتحام بين الأكثرية الشيعية في الجنوب
وبغداد، ويخشى مستقبلا أن تصبح بغداد شيعية بأكثريتها، فهذا ربما من منطلق طائفي
عنصري إلى حد ما، منطلق تطهير عرقي، رغم أنهم عرب.
-الخبر: برأيك هل كان هناك اتصال بين صدام حسين وجماعة
القاعدة؟
- د· أنطوان بصبوص :
انطلاقا من عام 2000 و 2001 جرى هناك اتصال، لكن قناعتي – حتى يثبت العكس– أن صدام
لا علاقة له و لا معرفة بما جرى في 11سبتمبر. انعدام الدليل يثبت أن ليس له علاقة.
فبن لادن لا يشارك صدام الذي يعتبره »غير
مسلم وكافر« خاصةً وأنه
لا يرغب بأي مساعدة مادية أو خبرة أو أي عون. نفذها بسرية مطلقة وبإمكانياته،
فصدام لا علاقة له بأحداث 11 سبتمبر، لكن ابن صدام «عدي» بارك 11 سبتمبر
وهنأ العرب وقال هذه أول ضربة يصيب بها مسلمون وعرب أمريكا بمقتل·
-الخبر:
منذ أيام صرح أياد علاوي رئيس الحكومة العراقي السابق أن أبو نضال زعيم تنظيم
المجلس الثوري لم ينتحر، إنما قتلته المخابرات العراقية، بعد رفضه التعامل مع
الجماعات السلفية؟
- د· أنطوان بصبوص :
قناعتي أن النظام العراقي أراد التخلص منه، و أعتقد على الأقل أن صدام كان يريد أن
يبيض صفحته و يزيل عنه تهمة إيواء «إرهابيين» دوليين·
-الخبر:إذا
··· لماذا استقبله؟
- د· أنطوان بصبوص : كان
لديه مهمات أوكلها له في يوم ما، وعندما انتهى من أداء دوره، أنهاه. الأنظمة
الديكتاتورية تستخدم أناس أو حركات لمصلحتها، وعندما تصبح مزعجة تصفيها· وهذا ليس
المثال الأول على هذه التصرفات·
-الخبر:
إذن ··· الزرقاوي ليس شخصية وهمية؟
- د· أنطوان بصبوص : أنا
أعتقد أن الزرقاوي شخص نادرا ما وُجد من أمثاله في القاعدة، فهو يدير المعركة
الوحيدة اليوم بين القاعدة وأمريكا. وبقي بن لادن يتلطى في جبال أفغانستان،
والظواهري مختفي كذلك، وعدد كبير من كوادر الدرجة الثانية ألقي القبض عليهم، أو
قتلوا. فالزرقاوي ليس رجلاً وهمياً ··· بل هو رجل فاعل، لديه كاريزما، وزعامة
وتخطيط ولديه قدرة على استقطاب عدد كبير من التكفيريين والجهاديين، يذهبون إلى
العراق خاصة للانضمام إلى الزرقاوي، وعدد الانتحاريين في صفوفه شيء رهيب، فلو كان
هذا الرجل غير موجود أو كان ضعيفاً فما استطاع أن يُجند ويؤطر ويوجه هذه الضربات
التي نراها كل يوم· وبينها هجمات انتحارية رهيبة· فالزرقاوي قائد ارهابي ظلامي
ولكنه فعال·
-الخبر:
برأيك كم عدد أفراد الفاعلين في تنظيم القاعدة في بلاد الرافدين؟
- د· أنطوان بصبوص : لا
أدري··· يُقال 2000 شخص، ليس لدي أي دليل على ذلك، لكن فاعليتهم كبيرة جدا···
لأنهم انتحاريون، لأنهم يعتمدون على البعثيين وعلى العسكر القديم لصدام في جمع
المعلومات والاستطلاع والاستخبار بالنسبة للأهداف التي يجب ضربها، لأن الأجانب عن
العراق لا يستطيعون الإطلاع عليها بشكل دقيق و كثيف ويومي، فمن هذه الزاوية
التقارب بين القاعدة والبعثيين السابقين والسلفيين العراقيين وضباط الجيش السابقين
ضاعف فاعلية الزرقاوي وتنظيمه، أضف إلى ذلك كميات من المتفجرات لا يُستهان بها
تركها نظام صدام السابق، وتركها الأمريكيون لمن يعبث بها، أضف إلى ذلك كميات كبيرة
من المال وهي موضوعة إما داخل العراق أو في المصارف السورية، فهذا الحلف بين البعث
والجيش من جهة وتكفيريي ومجاهدي الخارج بزعامة الزرقاوي من جهة أخرى··· يعطي
مفاعيل قوية جدا·
-الخبر:
برأيك ما هي جنسية الفاعلين في القاعدة؟
- د· أنطوان بصبوص: من
مختلف الجنسيات، منهم من أتى من السعودية، الكويت، السودان، سوريا، فلسطين، مصر,
ليبيا, الجزائر, المغرب··· وحتى من أوربا· فهناك عدد من المقاتلين الذين قُتلوا في
الفلوجة بينهم بعض الفرنسيين، وهناك من اُعتقل في العراق وجرى تسليمه، وهناك من
أُبلغ عن وجوده في صفوف المقاتلين إلى السلطات الفرنسية.
*الخبر: برأيك لماذا تأخر أبو
مصعب الزرقاوي في بيعته لأسامة بن لادن؟
- د· أنطوان بصبوص: أعتقد
أن أسامة بن لادن كان محرجاً في وقت من الأوقات من الزرقاوي، وهذا الأخير فاعل
وكاد أن يتجاوز بكفاءته ونشاطه مرجعية بن لادن الميدانية· فإذا بهذا الأخير
يتبناه، وإذا بالزرقاوي يعلن بيعته، فهناك مصلحة مشتركة·
بن لادن يقول عبر الزرقاوي
أنه موجود في العراق، والزرقاوي عبر بن لادن يجذب الكثير من الجهاديين
والتكفيريين، لأن صورة بن لادن في العالم الإسلاموي أكبر من صورة الزرقاوي. ولكن نجم الزرقاوي في
صعود، فلذلك
كانت مصلحة الفريقين التحالف، واسم بن لادن في هذه الصفوف كان اسماً براقاً أكثر
من الزرقاوي في نهاية العام 2004.
-الخبر:
الآن هناك جيل ثاني من القاعدة دون العودة لاستشارة الأمير؟
- د· أنطوان بصبوص: أولا الاتصالات مع الأمير الأول لم تعد سهلة، فدروب
أفغانستان شاقة، ومراقبة من كل الدول المجاورة ومراقبة من الجو، وهناك رقابة على
الاتصالات.
ثانيا
بن لادن يبتعد عن كل ما يعطي أي إشارة الكترونية حتى لو كان راديو للاستماع· وهو لا يعتمد إلا على المراسلين، فالتعليمات لم تعد تصل
بسهولة فلذلك الفكر يغذي الناشطين، وبناء عليه يتحركون من دون تعليمات، من دون
هرمية· ما جرى في مصر في شهر أفريل هو دليل على أن هذه الحركية
لا تنتظر تعليمات الذين عندهم الفكر، يشاطرون بن لادن فكره، يبحثون عن إمكانيات
وهي بسيطة، خاصة عندما يكون هناك رغبة في قتل الذات والانتحار(···). اليوم صار هناك ظاهرة من يركبون موجة بن لادن دون
استشارته، يناصرونه دون تلقي معلومات أو تعليمات لأنهم يشاطرونه العقيدة ويتصرفون
على هذا الأساس وهنا يكمن خطر الغد.
-الخبر: برأيك هل توجد القاعدة الخلفية للزرقاوي
في سوريا و الأردن؟
- د·
أنطوان بصبوص: أنها غير
موجودة في الأردن، لأن هذه القاعدة تحتاج إلى غض النظر من السلطات وعطف أو تعاون·
فالأردن يبحث عن
الزرقاوي بنفس الدرجة التي يبحث فيها عنه الأمريكيون، فهو كان ينوي تنفيذ عمليات
في الأردن· بينما سوريا كانت ومنذ مارس 2003 تراهن على إغراق
الأمريكيين في وحول العراق، وجعل العراق فيتنام جديدة حتى تبقي على الوضع القائم
لمصلحتها في لبنان، فرهاناتها كانت خاسرة، ولكنها لا زالت تغض النظر، تساعد قليلا،
وعندما تشتد الضغوط تعطي بعض التنازلات ومنها أخيراً تسليم سبعاوي, الأخ غير
الشقيق لصدام، على أمل أن يتركها الأمريكيون، فعندما قدموه للأمريكيين قال هؤلاء :
سلمناكم قائمة بتسعة قياديين يبقى الثمانية الآخرون، أين هم، وهم يسكنون في أماكن
حددناها لكم. فسوريا هي القاعدة الخلفية، وهو ما يتضح يوميا...
-الخبر: برأيك هل سيقوم الزرقاوي بتوسيع نشاطه إلى
الدول المجاورة، خاصة الخليجية منها؟
- د·
أنطوان بصبوص: يُروى أن له
علاقات أوسع من المنطقة الموجود فيها، تمتد حتى أوروبا فعدد من خريجي معسكراته
وزملائه، كانوا على علاقة بتفجيرات مدريد، وقيل أنهم على علاقة بانفجارت الدار
البيضاء، وكان بعضهم موجود في إيطاليا·
الزرقاوي هو الرجل الذي يشع
أكثر من أي طرف آخر، اليوم بن لادن يعطي الأولوية للعراق دون أن يهمل السعودية، كل
أسبوع هناك مناوشات بين القاعدة والسلطة· لكننا شاهدنا في الفترة الأخيرة حركات إرهابية في
الكويت وقطر، كل هذا الدول حدودها افتراضية، الناس تستطيع التنقل، وفكر الوهابية
منتشر في هذه المنطقة، وما شاهدنا في قطر هو ما حصل في مصر، هذا الشخص الذي فجر
نفسه بالمسرح لم يكن أي دليل يشير الى انتمائه.
-الخبر: لماذا لم يظهر الزرقاوي في تسجيل مصور؟
- د· أنطوان بصبوص: هناك صورا التقطت له، ولكن يبدو أنها تمت بدون رغبته،
وقد اعترف ببعضها، وهذا من التدرؤ والحذر· إنه في حرب، ومطلوب وعليه التخفي، فهو كما يقال يوما
يلبس الدشداشة ويوما يلبس الجينز، ويوما يضع لحية ويوما يحلق... فهو يعرف أنه مطارد، فلذلك تنكره مستمر.
-الخبر:
برأيك ما هو مستقبل القاعدة؟
- د· أنطوان بصبوص: على المدى القصير هي بخير· على المدى المتوسط والبعيد لا أدري، القاعدة عندها جذور
فكرية عميقة في عدد من البلاد الإسلامية، الفكر الوهابي الذي أنتج القاعدة هو دين
الدولة في السعودية· وعند القاعدة ما يكفي من الأموال، فمعركتها في العراق
تكلفها 800 ألف دولار في الشهر، في حين تكاليف الجيش الأمريكي هي 5 مليارات من
الدولارات· وقد شبًَهتُ القاعدة في العراق سابقاً بالجيا في
الجزائر· وإذا لم تستطع حكومة بغداد أن تخلق الطلاق بين المجتمع
السني وبين الزرقاوي فستتحول الحرب في العراق إلى حرب أهلية بين الشيعة والسنة،
ولن تستطيع الدولة أن تثبت أقدامها· على الحكم العراقي أن يجذب العدد الأكبر إليه من
الطائفة السنية الذين لا ينتمون إلى الفكر الوهابي ويريدون بناء دولة مشتركة، فلا
يمكن القضاء على الزرقاوي إلا بهذه الطريقة، أي بجعله سمكة خارج المياه. إلى أن
يصل الطلاق بينه وبين المجتمع الذي يعيش فيه لدرجة أن يصبح أقلية فينسحب أو ينكسر.
هذه المعركة الأولى في يومنا هذا وهي تدور في العراق. اما مستقبل القاعدة في المدى
البعيد فهو مرتبط بعوامل عدة اولها نجاح المسلمين في عزل هذا التيار الذي يسيء الى
الاسلام ويؤسس لحروب مذهبية وأُخرى بين الديانات الكبرى·
وتقدم العالم الاسلامي مرتبط بانصرافه عن هذا الفكر المتطرف الذي يشده الى الوراء·
فالمعركة هي فكرية عقائدية بالدرجة الاولى ترافقها قوى الامن والعدالة والتضامن
الدولي ولا تستبدلها·
-الخبر: لو مات الزرقاوي هل ستنتهي القاعدة؟
- د· أنطوان بصبوص: لا... لو مات الزرقاوي العقيدة موجودة، لكن المشرفين
عليها ليس بالضرورة أن يكونوا بكفائته أو بإقدامه· مع العلم أن هذه الطريقة إجرامية لدرجة أنها تقتل
الكثير الكثير من الأبرياء· فالزرقاوي عندما نشر خبر إصابته هلل الكثير من
العراقيين، لأنه يريد قتل المجتمع الذي لا يمشي معه.
*الخبر: لكن الزرقاوي على علاقة طيبة مع الإيرانيين؟
- د· أنطوان بصبوص: هنا نعود إلى حبائل الاستخبارات، إن الإيرانيين يضحون
بشيعة عراقيين لضرب الأمريكيين عبر القاعدة، وهو تنظيم سني وهذه من حبائل
الاستخبارات!!
-الخبر: يعني الزرقاوي يخدم أطراف أمنية؟
- د·
أنطوان بصبوص: يخدم فكر
القاعدة ويستفيد من لقاءات تكتيكية مع أعداء أمريكا ولكنهم يستفيدون منه أكثر،
فالإيرانيين يريدون إشغال الأمريكيين في العراق حتى لا ينبروا لسؤالهم عن برنامجهم
النووي، هذه ألعاب وسياسيات يدفع ثمنها المواطن العراقي.
-الخبر: برأيك المعركة في العراق ستطول؟
- د·
أنطوان بصبوص: لا أستطيع أن
أقول لك كيف ستنتهي، ولكنها لن تنتهي بوقت قريب· حتى الآن الأميركيون قتلوا أو قبضوا على عدد من مساعدي
الزرقاوي واستولوا على كمبيوتره الشخصي، فربما كل هذا سيفضي للقبض عليه حيا أو
ميتا، وربما سيستطيعون أن يفككوا جهازه، ولكن أحيانا التاريخ يتوقف على لحظة إصابة
شخصية ما لها دور هام· لا أريد أن أضرب بالغيب.
لكن
مفتاح الحل في العراق هو مقدار مشاركة الأقلية السنية في الحكومة المركزية وجذبهم
إليها، فهم منذ 14 قرنا كانوا في السلطة وإذا بهم اليوم يجدون أنفسهم خارج السلطة،
فهم لا يقبلون هذا التهميش، هناك عنصر آخر وهو في غضون كم من الوقت تستطيع الحكومة العراقية أن تبني جيشا، وهذا الجيش يقول للأميركيين نحن
لم نعد بحاجة إليكم، نحن نستطيع أن ندير شؤوننا بأنفسنا· حتى الآن النجاح لم يكن حليف بناء هذا الجيش.
-الخبر: برأيك هل ستخرج أمريكا من العراق؟
- د· أنطوان بصبوص: طبعا ستخرج. أنا أعتقد أن الأمريكيين ليسوا احتلاليين·
همهم كان الرد على ضربة
11سبتمبر، فالرد الأول كان في أفغانستان، والرد الثاني كان داخل المنطقة العربية،
والعراق الخطوة الأولى لإخضاع السعودية التي صدّرت الفكر والمال والرجال، والذين ضربوا أميركا هم
بأكثريتهم سعوديين· لم يكن من السهل على الأميركيين مهاجمة السعودية وهي
أول مصدر للبترول، لكنهم أرادوا مهاجمة عقيدتها الوهابية، فحاولوا الالتفاف لضرب
صدام لأنه الرجل العاصي على الأمم المتحدة وهو الذي لم يطبق 16 قرارا دوليا، وهو
ديكتاتور خاض حروباً ضد دول الجوار، فملفه كان سهلاً· كانوا يريدون وضع إمكانيات العراق البترولية الهائلة
بتصرف السوق الدولي· ثم يتطلعون إلى السعودية دون قلق من حدوث بلبلة في الأسواق·
فهذا الأمر لم ينجح·
فضربتهم للعراق كانت
سياسية· أرادوا القول للعرب : نحن نستطيع أن نرد في قلب العالم العربي
على ضربة 11 سبتمبر. ومن الناحية الاقتصادية كانوا يريدون تثمير البترول العراقي
ووضعه في الأسواق، حتى يستطيعوا الانصراف للسعودية وليقولوا لها: يجب عليكِ إعادة
النظر في الفكر الوهابي، في توزيع أموال على الإسلامويين و في تصدير الثورة.
فباعتقادي,
الأمريكيون لا يريدون البقاء في العراق طويلا، ربما العراقيون يطلبون منهم أن يكون
لهم وجود في قاعدة لسبب أو لآخر كما في العديد من دول العالم. رغبتهم أن يخرجوا
ويسلموا هذه المهمة إلى الجيش العراقي.
-الخبر: هل ستتغير سياسة الولايات المتحدة الأمريكية تجاه
العراق بعد رحيل بوش من البيت الأبيض؟
- د·
أنطوان بصبوص: رحيل بوش سيتم
بعد 3 سنوات ونصف، لا ندري من سيأتي بعده، وكيف تكون الحالة في العراق، اليوم بعد
سنتين وشهرين من الحرب، عدد القتلى الأميركيين لا يتجاوز إلا بقليل الـ 1700 جندي،
لكن كلفتها عالية، وهذه الحرب ومفاعيلها الإقليمية أعطت بوش دورا كبيرا في
المنطقة: أخرج سوريا من لبنان، أعطى دفعاً لعدد كبير من الإصلاحات التي يرغب بها
الشعب العربي وتحاربها الأنظمة· كل هذا ربما لو استمر وأعطى نتائج مقبولة سيكون لدور
بوش مردوداً إيجابياً: » ضربنا ديكتاتوراً، وإذا بنا ندفع بالديمقراطية رويداً...
رويداً في العالم العربي «·
فخليفة بوش المحتمل ربما يقول أنه يجب علينا أن نكمل المشوار. الأكيد أن المجتمع
الأمريكي لا يستطيع أن ينظر إلى العالم العربي مثلما كان يفعل من قبل. فكل شيء
تغير.
آ.م