mardi 10 novembre 2015

تقاليد كندا الديمقراطية و عهد جديد من الحريات مع جوستان ترودو

Justin Trudeau

آدم ميرا

تتميز العلاقات الكندية- الأمريكية بصلات وطيدة، خاصة أن اقتصاد البلدين مرتبط بشدة، حيث أن أكثر من 80 بالمائة من الاقتصاد الكندي مرتبط بالاقتصاد الأمريكي، وهذا ما ينعكس تلقائيا على القرارات السياسية الكندية الداخلية و الخارجية، ولكن أحيانا تتوتر العلاقات بين البلدين بسبب اختلاف عميق في وجهات النظر، و هذا ما ينعكس تلقائيا على الوضع الداخلي و الخارجي أيضا، و في الـ19 من أكتوبر/ تشرين الأول الماضي، انتخب الكنديون حكومة ليبرالية جديدة من أجل إزاحة حكومة المحافظين التي أساءت حسب عدد من المراقبين إلى سمعة كندا الخارجية وورطت البلاد في صراعات هي في غنى عنها، و قد تحدثت هافغنتون بوست عربي مع"بول لوراندو" نائب رئيس تحرير موقع les7duquebec.com في محاولة لإضاءة بعض النقاط.

·        تقاليد كندية:
درجت العادة في كندا، أنه في الوقت الذي يتم فيه الإعلان على نتائج الانتخابات الجديدة أن يقوم الرئيس الأمريكي باتصال هاتفي بالقادم الجديد إلى مكتب الحكومة الفيدرالية في العاصمة الكندية أوتاوا من أجل تهنئته ووضع الخطوط العريضة للتعاون بين البلدين.
وعادة ما يجري أول لقاء قمة بين البلدين سريعا، قبل أن يجري رئيس وزراء كندا الجديد أي لقاء آخر مع أي رئيس أو حاكم أجنبي.
و في أول اتصال بين الرئيس الأمريكي باراك أوباما و رئيس الوزراء الكندي الشاب جوستان ترودو(42عاما)، قام هذا الأخير بإبلاغ الأول برغبته بالانسحاب من التحالف ضد الدولة الإسلامية في الشرق الأوسط، و خلال الحوار الأول بين الزعيمين مازح الرئيس الأمريكي ترودو قائلا:" ليس في شعرك الآن أي شعرة بيضاء، لكن لا تخف ستحصل على الكثير في السنوات القادمة."
كانت بداية طيبة لعلاقات يتوقع الكثيرون أنها ستكون عميقة، وأنه سيتم إصلاح ما خلفته سياسة المحافظين طيلة العشر سنوات الماضية.
وبعد ترتيب العلاقات بين الولايات المتحدة الأمريكية و كندا، يقوم رئيس الوزراء المنتخب بالإعلان عن تاريخ تشكيل حكومته الجديدة، وفي يوم تشكيل الحكومة، يقوم رئيس الوزراء بحلف قسم الولاء أمام حاكم كندا" دافيد جونستون" الذي هوفي الوقت نفسه ممثل ملكة بريطانيا، وبعد آدائه القسم يقوم جميع الوزراء بإدلاء القسم أمام رئيس الحكومة، و كل واحد يأتي حاملا بيده نسخة من الكتاب المقدس.
و كان رئيس الوزراء الكندي الجديد جوستان ترودو قد أعلن خلال حملته الانتخابية بأنه سيكون هناك تساوي بالمناصب بين النساء و الرجال، و قد وفى بوعده، حيث كان هناك 15 امرأة أمام 15 رجلا.
و لكي يُحسن صورة كندا داخليا، قام رئيس الوزراء الكندي الشاب جوستان ترودو بدعوة ثلاثة آلاف مواطن للمشاركة في احتفالات تعيين الحكومة الجديدة، كما دعا كل وسائل الإعلام لتغطية الحدث، وهو ما كان يرفضه رئيس الحكومة السابق ستيفن هاربر الذي شدد القيود على الصحفيين ومنعهم من الوصول إلى مصادر المعلومات، و ضيق الكثير من الحريات.
Paul Laurendeau

و لكن "بول لوراندو" نائب رئيس تحرير موقع les7duquebec.com قال  لـ"هافغنتون بوست عربي" :" بأن عملية التغيير ستكون طويلة، ولن يستطيع رئيس الوزراء الجديد أن يقوم بمسح عصر خلفه سريعا و تصحيح ما قام به، لأن مصالح القوى العظمى ستعيده إلى صوابه، و تذكره بمصالحها."

·        قضية النقاب وخسارة الحزب الديمقراطي الجديد:
خلال الحملة الانتخابية الساخنة للوصول إلى الأكثرية في البرلمان الفيدرالي من أجل الحصول على الأغلبية لتشكيل الحكومة الجديدة، برزت فجأة قضية النقاب، وقضية الباكستانية زنيرة إسحاق التي نجحت في انتزاع حكم قضائي يخولها تأدية يمين الحصول على الجنسية مرتدية النقاب على عكس رغبة حكومة المحافظين، وكانت" هافغنتون  بوست عربي" في السابع عشر من سبتمبر/أيلول الماضي قد نشرت القضية بالتفصيل.
Tom Muclair

هذا الموضوع الحساس في كندا قد أسال الكثير من الحبر، و دفع الكثير من الكنديين ليفكروا جيدا لمن سيصوتون، و كان الخاسر الأكبر في هذه القضية هو الحزب الديمقراطي الجديد، بزعامة توماس موكلير الذي أعلن تأييده للقرار القضائي و تأييده في الوقت نفسه على الحريات الشخصية، هذه التصريحات جعلته يفقد أكثر من نصف مقاعده في البرلمان السابق، وبعد أن كان زعيم المعارضة في البرلمان أصبح لا يملك إلا 49 مقعدا، و خسر حزبه الأكثرية، لكن رغم هذه الخسارة الفادحة رفض موكلير الاستقالة، و أعلن بكل شجاعة أمام مناصريه:" أنه ليس نادما على تصريحاته بما يخص النقاب"، وخلال الأيام القادمة سيتم التصويت على إعادة الثقة برئيس الحزب الديمقراطي الجديد.
وقد تحدثت "هافغنتون بوست عربي" إلى نائب رئيس تحرير الموقع الإعلامي الكندي les7duquebec.com بول لوراندو الذي كان له وجهة نظر مختلفة وقال:" أن قضية النقاب ليس لها علاقة بخسارة الحزب الديمقراطي الجديد،  ولكن بسبب تجربة سياسية سابقة غير ناجحة مع هذا الحزب في  تورنتو و في كيبيك أيضا."
وكانت قضية النقاب هي التي ساعدت حزب المحافظين على تحقيق 99 مقعد في البرلمان الفيدرالي، حيث استطاع رئيس الوزراء السابق هاربر أن يستغل هذه القضية لصالحه، و يورط فيها أحزاب أخرى، و يعلن عن اتخاذ قرارات جديدة ضد المتشددين، حسب إحصائيات كندا فإن أكثرمن 80 بالمائة يعارضون ارتداء النقاب.

·        سياسة المحافظين:
من ناحية أخرى، قال المراسل الصحفي السابق في الشرق الأوسط لراديو كندا "فرنسوا ليبان" في حوار تلفزيوني:" إن وزيرة الخارجية الأمريكية السابقة مادلين أولبرايت كانت تضع العلم الأمريكي على حقائب سفرها، لأن الكنديين كانوا يتمتعون بسمعة طيبة جدا قبل عهد المحافظين."
Harper

حكومة المحافظين التي وصلت إلى الحكم في يناير/ كانون الثاني 2006 و بقيت في الحكم طيلة عشر سنوات، قد اتخذت سياسات لا تعبر عن السياسة الخارجية الكندية، فقد انحازت بشكل كامل إلى جانب إسرائيل، و رفضت كندا أن تنتقد سياسة إسرائيل الاستيطانية ، وقد غنى رئيس الوزراء السابق في حفل عشاء أمام نظيره الإسرائيلي (انظر الفيديو على يوتوب)، و كان لمواقف كندا المنحازة نتائج عكسية على الوضع الديبلوماسي الكندي، حيث فشلت كندا في الحصول على مقعد غير دائم في مجلس الأمن، و قد سألت هافغنتون بوست عربي "بول لوراندو" نائب رئيس تحرير موقع les7duquebec.com للتعليق على سياسية كندا في الشرق الأوسط، لكنه أجاب :" أنه يرفض التعليق على قضايا تخص إسرائيل"!
و لكن الفاصل الحقيقي في سياسة المحافظين السابقة، أنهم شاركوا في كل الحروب (أفغانستان، ليبيا، سوريا..الخ) و أنهم أقروا قانون ضد " الإرهاب" الذي أثار لغطا كبيرا فيما يخص الحريات، حيث وضع قيودا على الصحفيين، و منعهم من التحقيق في عدد من القضايا، إضافة إلى قضية الكندي، سجين غوانتاموا السابق و ذو الأصول المصرية " عمر خضر" الذي عاني بشكل رئيسي من تجاهل حكومة المحافظين لقضيته، إلى حين أنصفه القضاء الكندي و أطلق سراحه تحت قيود مشددة.
كما أن حكومة المحافظين هي التي أرسلت المهندس الكندي السوري الأصل ماهر عرار إلى سوريا، و تم تعذيبه على مدى عام كامل، ليعود إلى كندا و يحصل على تعويض بعشرة ملايين دولار بسبب اتهامه خطأ بأنه من الخلايا النائمة التابعة للقاعدة في كندا.
و الآن بعد هزيمة حزب المحافظين، قدم رئيس الحزب و رئيس الوزراء السابق" ستيفن هاربر" استقالته من منصبيه الاثنين، لكنه احتفظ بمقعده في البرلمان، وأعلن أنه لن يغادر قبة البرلمان للعمل في مجال آخر، و قد تم تعيين السيدة رونا أمبروس في منصبه كرئيسة لحزب المحافظين للمرحلة انتقالية.

·        قضايا أخرى:
هناك هواجس كثيرة تشغل بال المواطنين كالأمن و العمل و الاقتصاد، و حول مسألة تراجع الإرهاب في كندا مع قدوم الحكومة الجديدة، قال "بول لوراندو" لـ"هافغنتون بوست عربي": " في الوقت الذي نفهم فيه من ينظم العمليات الإرهابية و لصالح من و ضد من، في هذه الحالة سنتستطيع أن نحدد وضعنا."
وحول تشكيلة الحكومة الجديدة، وهل تُعبر حقيقة عن التنوع الثقافي و الإثني في كندا، كان لمحدثنا وجهة نظرة أخرى، و قال بول لوراندو إن " اختيارات رئيس الحكومة الجديدة، هي اختيارات تعبر عن اختيارات الطبقة الثرية لتعبر عن مصالحها."
و كان الكثير يعترضون على رئيس الحكومة الجديد جوستان ترودو على اعتبار أنه ابن رئيس وزراء كندا السابق، و ليس لديه خبرة في السياسة، و أن نقطة قوته الوحيدة أنه "وسيم" و كان كثير من النساء أعلنوا صراحة أنهم قاموا بالتصويت له: لأنه وسيم.
و حول مستقبل كندا في السنوات الأربعة القادمة، قال بول لوراندو لـ لـ"هافغنتون بوست عربي": إن هناك أمنيات بالتغيير و بتحسن الوضع، لكن القوى العظمى ستحاول دائما عرقلة طموحاتنا."
ا.م

Aucun commentaire:

Enregistrer un commentaire

Remarque : Seul un membre de ce blog est autorisé à enregistrer un commentaire.